الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

تشيييع معاوية بن يزيد  .....................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................

 ـ لو كانت العظمة تقاس بالأخلاق وحب الخير للناس لاستحق منها معاوية بن يزيد بن معاوية الشئ الكثير. أبوه الخليفة يزيد بن معاوية هو أول خليفة يلي الحكم بالوراثة ، وهو الذي شهد عهده القصير ثلاث فواجع هي قتل الحسين وآله في كربلاء وانتهاك حرمة المدينة وقتل أهلها ، وانتهاك حرمة الكعبة وقتال أهل مكة . وكل ذلك كي يحتفظ بسلطانه فوق أنفاس المسلمين..
ثم عهد يزيد بالخلافة لابنه الأكبر معاوية سنة 64 هـ ولم يستطع الشاب الصالح أن يعصى أباه، فاصطنع المرض ، ولما مات أبوه يزيد أصبح خليفة فاعتكف عدة أيام يزن الأمور ، ثم خرج على الناس فألقى فيهم خطابا يعلن فيه اعتزاله الخلافة ويترك فيه الملك والسلطان ، وهو يعلم أن مصيره القتل ، وفعلا سقوه السم فمات ، وعند الاحتضار سألوه في أن يستخلف بعده واحدا من أسرته فقال : ما ذقت حلاوتها فلماذا أتحمل مرارتها ؟ ومات شابا في العشرين من عمره بعد أن ظل خليفة أربعين يوما .
هذا الشاب العظيم معاوية بن يزيد قال في خطاب اعتزاله " أما بعد ، فاني نظرت في أمركم فضعفت عنه .. فأنتم أولى بأمركم فاختاروا من أحببتم " وذكر أباه يزيد بن معاوية فبكى وقال عنه " لقد قتل عترة رسول الله وأباح الحرم وخرب الكعبة ، وما أنا بالمحتمل تبعاتكم فشأنكم وأمركم ، فوالله لئن كانت الدنيا عزا فقد نلنا منها حظنا ، ولئن كانت شرا فكفى ذرية أبي سفيان ما أصابوا منها " ثم دخل بيته فوثب عليه بنو أميه وسقوه السم ، وبحثوا عن صديقه أو أستاذه وهو عمرو المقصوص أحد المفكرين الأوائل القائلين بحرية الإرادة ، وتأكدوا أنه السبب الذي اقنع معاوية بن يزيد بالاعتزال ، وعرفوا أن عمرو المقصوص قال له : إما أن تعتدل وإما أن تعتزل ، فاختار الاعتزال . وبعد أن قتلوا الخليفة الشاب بحثوا عن صديقه عمرو المقصوص وكان قد هرب ، ووجدوه ، وانتقموا منه شر انتقام ؛ إذ دفنوه حيا ..!!

2 ـ تفككت الدولة الأموية بعد موت يزيد واعتزال ابنه معاوية بن يزيد ‘ وكان ذلك من حسن حظ عبد الله بن الزبير الذى أعلن نفسه خليفة فى مكة ، وسمى نفسه العائذ بالحرم ، و دخلت فى طاعته مصر و العراق ، بل انضم جزء من الشام اليه ، بل فكر زعيم الأمويين وقتها مروان بن الحكم فى البيعة لابن الزبير لولا نصيحة ابن زياد. ولذلك عقد الأمويون مؤتمرا فى مدينة الجابية واتفقوا على ان يتولى الخلافة شيخ الأمويين وقتها مروان بن الحكم ثم يتولاها بعده خالد بن يزيد ابن معاوية شقيق معاوية بن يزيد المعتزل والذى لقى حتفه بالسم.

3 ـ ونعود الى بطلنا العظيم المنسى : معاوية الثانى ـ أو معاوية بن يزيد بن معاوية ، ونقول أنه ربما كان يرتب مع أستاذه عمرو المقصوص لإعادة نظام الشورى الى الخلافة وفق مبادىء عمرو المقصوص فى حرية الارادة ـ أو اليبرالية بمفهوم عصرنا . ولكن العصر كان قد تغير وموازين القوى قد أصبحت فيمن يملك الأموال والأتباع ، أما أصحاب المبادئ فقد انتهى عصرهم . وربما اعتقد عمرو المقصوص أن طريقته في التغيير قد تثمر في التأثير على أخوة معاوية بن يزيد ليعطي نفسه أملا في المستقبل بعد انتهاء معاوية . وكان أخوة معاوية وهما خالد وعبد الرحمن من تلامذته ، وتولى خالد بن يزيد بن معاوية العهد بعد مروان بن الحكم طبقا لاتفاقية الجابية ، ولكن ضاعت آمال خالد بن يزيد في الخلافة ، فقد تزوج مروان بن الحكم أم خالد ليذله وسخرمروان من خالد وذكر أمه بلفظ قبيح فاجر فى مجلس علنى ليحقّر شأنه بين زعماء القبائل والقادة، فاشتكى خالد الى أمه فقامت مع جواريها بقتل مروان بن الحكم خنقا بالوسائد ..
والمكتوب عن هذا العصر بضع صفحات ، مع أن الأحداث كانت هائلة ومفجعة ..
ومن عادة التاريخ السيئة أنه يتحدث كثيرا عن مشاهير المجرمين مثل يزيد بن معاوية و مروان ابن الحكم ، ويتجاهل العظماء الحقيقيين ومنهم معاوية بن يزيد .

http://www.alameli.net/books/images/bullet2.gifالدميري والدمشقي يرويان تشيع معاوية
الكتاب : جواهر التاريخ 3    |    القسم : الكتب والمؤلفات    |    القرآء : 320
الدميري والدمشقي يرويان تشيع معاوية
ويتضح تشيعه من خطبته التي رواها الدميري في حياة الحيوان:1/98، وابن الدمشقي في جواهر المطالب:2/261 ، واللفظ للأول: (وذكر غير واحد أن معاوية بن يزيد لما خلع نفسه صعد المنبر فجلس طويلاً ، ثم حمد الله وأثنى عليه بأبلغ ما يكون من الحمد والثناء ، ثم ذكر النبي(ص)بأحسن ما يذكر به ، ثم قال:
يا أيها الناس، ما أنا بالراغب في الإئتمار عليكم لعظيم ما أكرهه منكم، وإني لأعلم أنكم تكرهوننا أيضاً لأنا بلينا بكم وبليتم بنا ! ألا إن جدي معاوية قد نازع في هذا الأمر من كان أولى به منه ومن غيره لقرابته من رسول الله وعظم فضله وسابقته ، أعظم المهاجرين قدراً وأشجعهم قلباً وأكثرهم علماً وأولهم إيماناً وأشرفهم منزلة وأقدمهم صحبة ابن عم رسول الله وصهره وأخوه ، زوَّجه النبي ابنته فاطمة وجعله لها بعلاً باختياره لها وجعلها له زوجة باختيارها له أبو سبطيه سيدي شباب أهل الجنة وأفضل هذه الأمة ، تربية الرسول وابني فاطمة البتول من الشجرة الطيبة الطاهرة الزكية ، فركب جدي منه ما تعلمون وركبتم معه ما لا تجهلون، حتى انتظمت لجدي الأمور.
فلما جاءه القدر المحتوم واخترمته أيدي المنون بقي مرتهناً بعمله فريداً في قبره ، ووجد ما قدمت يداه ورأى ما ارتكبه واعتداه !
ثم انتقلت الخلافة إلى يزيد أبي فتقلد أمركم لهوى كان لأبيه فيه، ولقد كان أبي يزيد بسوء فعله وإسرافه على نفسه غير خليق بالخلافة على أمة محمد ، فركب هواه واستحسن خطاه ، واقتحم على ما أقدم من جرأته على الله ، وبغيه على من استحل حرمته من أولاد رسول الله، فقلَّت مدته وانقطع أثره ، وضاجع عمله وصار حليف حفرته رهين خطيئته ، وبقيت أوزاره وتبعاته وحصل على ما قدَّم ، وندم حيث لا ينفعه الندم ، وشغلنا الحزن له عن الحزن عليه ، فليت شعري ماذا قال وماذا قيل له هل عوقب بإساءته وجوزي بعمله وذلك ظني ! ثم خنقته العبرة فبكى طويلاً وعلا نحيبه ثم قال: وصرت أنا ثالث القوم والساخط عليَّ أكثر من الراضي ، وما كنت لأتحمل آثامكم ، ولا يراني الله جلت قدرته متقلداً أوزاركم وألقاه بتبعاتكم ، فشأنكم أمركم فخذوه ، ومن رضيتم به عليكم فولوه ، فلقد خلعت بيعتي من أعناقكم . والسلام . فقال له مروان بن الحكم وكان تحت المنبر: أسنةً عمريةً يا أبا ليلى؟ فقال أغدُ عني ! أعن ديني تخدعني؟ فوالله ما ذقت حلاوة خلافتكم فأتجرع مرارتها ! إئتني برجال مثل رجال عمر ، على أنه (ما) كان حين جعلها شورى وصرفها عمن لايشك في عدالته ظلوماً . والله لئن كانت الخلافة مغنماً لقد نال أبي منها مغرماً ومأثماً ، ولئن كانت سوءً فحسبه منها ما أصابه . ثم نزل فدخل عليه أقاربه وأمه فوجدوه يبكي فقالت له أمه: ليتك كنت حيضة ولم أسمع بخبرك . فقال: وددت والله ذلك ، ثم قال: ويلي إن لم يرحمني ربي . ثم إن بني أمية قالوا لمؤدبه عمر المقصوص: أنت علمته هذا ولقنته إياه وصددته عن الخلافة ، وزينت له حب علي وأولاده ، وحملته على ما وسمَنا به من الظلم ، وحسَّنت له الباع حتى نطق بما نطق وقال ما قال ! فقال: والله ما فعلته ولكنه مجبول ومطبوع على حب علي ! فلم يقبلوا منه ذلك وأخذوه ودفنوه حياً حتى مات ) ! انتهى.
وفي جواهر المطالب: (ثم نزل فدخل الخضراء فقالت له أمه: ليتك كنت حيضة ! فقال: والله لوددت أن كنت ذلك ولم أعلم أن لله ناراً يعذب بها من عصاه ، إن لم يرحم الله أبي وجدي فويلٌ لهما . ثم إنه مات بعد أربعين يوماً فوثب بنو أمية على مؤدبه المعروف بعمر المقصوص وقالوا له: أنت علمته هذا ! فقال: لا والله وإنه لمطبوع عليه ، والله ما حلف قط إلا بمحمد وآل محمد ، وما رأيته أفرد محمداً منذ عرفته) ! (وبهامشه: من أول الخطبة إلى هاهنا رواه اليعقوبي بمغايرة طفيفة لفظية في حوادث سنة 64من تاريخه:2/240. وذيل الكلام رواه أيضاً المسعودي في حوادث سنة64 من كتاب مروج الذهب:3/73 . ورواه في كتاب الأضواء/116عن كتاب حياة الحيوان:2/61 ورواه بأتم منهم ابن العبري في كتابه تاريخ مختصر الدول/111 ، ثم قال في ذيل القصة: فوثب بنو أمية على عمر المقصوص وقالوا أنت أفسدته وعلمته ! فطمروه ودفنوه حيا ! وانظر ترجمة عمر بن نعيم العنسي من النسخة الأردنية من تاريخ دمشق:13/365. ورواه موجزاً ابن حجر في كتاب الصواعق/134).
أقول: ولا يعارض الحكم بتشيعه المفاهيم التي تضمنتها روايتهم لكلامه ، فلا يُعتمد على مارووه في هذه النقطة لأن مقصودهم التعتيم ، وكثير من رواتهم يستحلون الكذب لتغطية فضائل أهل البيت عليهم السلام ومدح مخالفيهم ! وقد رأيت تفاوت روايتهم في رأيه في عمر بن الخطاب ، وقد وضعانا(ما)بين قوسين لأن المعنى يستقيم بدونها ولا يستقيم بها ، فالمظنون أنهم زادوها في الرواية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق